7 نوفمبر، 2024

أخبار من الامارات

طفل يعاني نوبات مزمنة من الصداع يحصل على فرصة جديدة في الحياة

دبي، 21 يونيو 2024: حظي طفل يبلغ من العمر 12 عاماً يعاني من عيب خلقي يُسمى “تشوه كياري” بفرصة جديدة في الحياة بعد الخضوع لجراحة “تخفيف ضغط الحفرة الخلفية” في مستشفى ميدكير لجراحة العظام والعمود الفقري بدبي. وكان الصبي يعاني من نوبات مزمنة من الصداع مع مشكلات في التوازن، والتي حدثت بسبب انزياح المخيخ في الجزء الخلفي من الدماغ نحو الأسفل إلى القناة الشوكية. وتعتبر هذه الحالة التي يُطلق عليها اسم “تشوه كياري” من الأمراض النادرة جداً بين الأطفال.
وبحسب د. “جوبالاكريشنان سي في” استشاري في جراحة الأعصاب والعمود الفقري في مستشفى ميدكير لجراحة العظام والعمود الفقري، الذي عالج المريض الصغير، فإن “هذه الحالة غالباً ما تبقى غير مكتشفة حتى سن البلوغ، مما يُسلط الضوء على أهمية التشخيص المبكر والعلاج الفوري في فتح آفاق جديدة لمستقبل أفضل أمام المرضى”، مؤكداً أن “هذه الحالة تشكل علامة فارقة في الرعاية الصحية للأطفال نظراً لأن الكشف المبكر عن التشوه خلال مرحلة الطفولة أمر نادر”.
وتعليقاً على الأعراض الأولية للطفل المريض، أشار د. “جوبالاكريشنان” إلى أن “الفتى الصغير عانى من سلسلة من الأعراض المؤلمة، التي نُسبت في البداية بشكل خاطئ إلى الإصابة بعدوى فيروسية. وما ظهر في البداية كأمراض بسيطة مثل نوبات الصداع المتواصلة المتكررة والحمى والدوخة تطور لاحقاً بشكل تدريجي ليبلغ ذروته في الاختلاج الحركي المفاجئ، وهو ضعف في التحكم بالعضلات يتسم بقدرة محدودة أو عدم القدرة على تنسيق حركات المشي الطبيعية.


وأضاف د. “جوبالاكريشنان” قائلاً: “على الرغم من التحدي التشخيصي الأولي، استمرت معاناة المريض من حالات الصداع القذالي المتقطع وألم الرقبة. وتفاقم هذا الوضع مع نوبات عرضية من الصداع والدوخة امتدت لفترة عامين، مما أثار الشكوك من وجود حالة مرضية كامنة تتطلب اهتماماً متخصصاً. وعليه، تمت إحالة المريض إلى مستشفى ميدكير لجراحة العظام والعمود الفقري لإجراء التقييم والعلاج”.
وتعليقاً على النتائج التي تم التوصل إليها بعد وصول المريض إلى المستشفى، قال د. “جوبالاكريشنان” أن “فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي كشفت عن وجود لوزات مخيخية متدلية للأسفل عبر الفتحة “الثقبة الكبرى” في قاعدة الجمجمة التي تربط الحبل الشوكي بالدماغ. وهذه اللوزات المخيخية هي جزء من الدماغ مسؤول عن الحركة العضلية والتنسيق. وكان هذا التشوه الهيكلي يضغط على الدماغ، ما أدى إلى تعطيل التدفق الطبيعي للسائل النخاعي والمساهمة في بداية ظهور الأعراض على الطفل”.
وتابع: “وضع فريقنا الطبي بسرعة خطة علاجية مخصصة تتضمن إجراء عملية جراحية لإزالة ضغط الحفرة الخلفية من أجل التعامل مع الحالة المرضية الأساسية والتخفيف من الأعراض المؤلمة التي يعاني منها المريض. وانطوى هذا الإجراء على إزالة قطع من العظام من قاعدة الجمجمة والجزء العلوي من العمود الفقري لتخفيف الضغط. ومن خلال معالجة الأسباب الجذرية لأعراض المريض، كنا نهدف إلى تحسين جودة حياته الكلية ومساعدته على استعادة صحته وعافيته”.
تضمنت الجراحة عمل شق دقيق، تحت التخدير العام، في مؤخرة رأس المريض للوصول إلى قاعدة الجمجمة. ثم تمت إزالة جزء صغير من العظام بدقة، وتم فتح غطاء الدماغ وحياكة رقعة باستخدام طبقة من أنسجة فروة الرأس لجعل الغطاء أكبر ولتقليل الضغط. وإضافة لذلك، تمت أيضاً إزالة قطعة من العظام من الجزء العلوي للعمود الفقري لتسهيل عودة تدفق السائل النخاعي إلى طبيعته.
وتعليقاً على تعافي المريض، قال د. “جوبالاكريشنان” أن “المريض أظهر تطوراً لافتاً وقد تحسنت أعراضه بشكل ملحوظ. وبينما ستظل حالته موضع رصد دقيق باستمرار، نحن متفائلون حيال تشخيصه على المدى الطويل ونتوقع له أن ينعم بحياة صحية ومُرضية في المرحلة المقبلة”.
وفيما يتعلق بالطبيعة الاستثنائية للتشخيص المبكر لـ”تشوه كياري” خلال مرحلة الطفولة، أشار د. “جوبالاكريشنان” إلى أن “هذه الحالة، وبرغم ظهورها في مرحلة الطفولة، فهي عادةً تظل غير مكتشفة حتى يصل المريض إلى سن البلوغ عندما تتطور الأعراض أو يتم كشفها من خلال فحص تصوير بالرنين المغناطيسي”، لافتاً إلى أن “السبب الدقيق لتشوهات كياري غير معروف. حيث يُعتقد في العديد من الحالات أن السبب يرجع إلى صغر حجم جزء من الجمجمة بحيث لا يكون كافياً لاستيعاب مؤخرة الدماغ. ويمكن أيضاً أن تتطور تشوهات كياري من النوع الأول عند الأشخاص المصابين بحالة الحبل الشوكي المربوط، أو تراكم السوائل في الدماغ (الاستسقاء الدماغي) أو بعض أنواع الأورام الدماغية”، مؤكداً أن “الظروف الاستثنائية لهذه الحالة التي أدت إلى الكشف المبكر عنها أتاحت إمكانية التدخل في الوقت المناسب ومنح المريض الصغير فرصة للتمتع بنوعية حياة أفضل”.
وجدير بالذكر أن حوالي 1 من كل 1000 شخص يصاب بأعراض مرتبطة بـ”تشوه كياري”، على الرغم من أن 1 من كل 100 شخص تقريباً تنطبق عليهم المعايير التشخيصية، مما يجعل هذا التشوه حالة عصبية شائعة. ورغم أن السبب الدقيق لتشوهات كياري لا يزال غير معروف، إلا أن د. “جوبالاكريشنان” يشعر بالتفاؤل حيال استراتيجيات إدارة العلاج المستقبلية. ووفقاً له، يقدم التقييم الطبي الاستباقي للأطفال الأمل بتحسن النتائج طويلة الأمد للمرضى.