7 نوفمبر، 2024

أخبار من الامارات

بعد ثلاثة أيام حافلة بجلسات النقاش وصفقات بيع وشراء حقوق النشر “مؤتمر الناشرين” يختتم دورته الـ 12 بنقاش حول مستقبل سلاسل الإمداد وتنمية الأسواق الإقليمية وتشجيع ترجمة الأدب المحلي

 

الشارقة، 1 نوفمبر 2022 : اختتم مؤتمر الناشرين أعمال دورته الـ 12 اليوم الثلاثاء بعد ثلاثة أيام حفلت بالجلسات الحوارية واللقاءات التي جمعت مئات الناشرين من مختلف دول العالم، وعقدوا خلال المؤتمر الذي نظمته هيئة الشارقة للكتاب بمركز إكسبو الشارقة العديد من صفقات بيع وشراء حقوق النشر والترجمة، وشاركوا في نقاشات مكثفة حول تحديات وفرص قطاع النشر وصناعة المحتوى على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.

وأكد المتحدثون في ثالث أيام المؤتمر أهمية ضمان استدامة سلاسل الإمداد، والتشجيع على ترجمة الآداب المحلية، وتحفيز نمو سوق الأدب المترجم من خلال مبادرات ومشاريع الترجمة المحلية، والاستفادة من المنح المرتبطة ببرامج ضيوف الشرف المصاحبة للمعارض الدولية للكتب، والتركيز على وضع استراتيجيات تسويق إقليمية تستهدف تنمية الأسواق المحلية للكتاب والمحتوى المعرفي.

 

جاء ذلك في ثلاث جلسات عقدها المؤتمر، شارك في الأولى التي حملت عنوان “مستقبل سلاسل الإمداد” كل من حسن علي، مدير شركة (لايتنينغ سورس) في الشارقة، وشيرين كريدية، مديرة (دار أصالة للنشر) في لبنان، وفرانسيسكو كروتي، ممثل شركة (روتوميل) الإيطالية، وأدارتها آشلي جوردون، وتناولت جملة التحديات التي تواجه قطاعات النشر بسبب نقص المعروض من الورق وزيادة تكاليف الشحن والطباعة.

تحديد عدد النسخ

وفي حديثه خلال الجلسة، أكد حسن علي أن سلسلة الإمداد اللوجستية تمثل أحد أهم التحديات التي تواجه الناشرين، والتي تتطلب منهم البحث عن الوسائل التي تضمن لهم الحصول على أفضل الخدمات وبأفضل الأسعار، لافتاً إلى أن التوسع في التواصل العالمي خلق بيئة تمكن الناشرين من الوصول إلى خدمات طباعة غير محدودة، وهذا يتطلب من الناشر أن يتصرف بذكاء تجاه عدد النسخ التي يطبعها، بحيث ينظر بعين الاعتبار إلى الفئات المستهدفة، وتوزعها الجغرافي، وإمكانية الاستفادة من خدمات الطباعة حسب الطلب وتوفير الكتاب رقمياً، واصفاً ملء المخازن بالأعداد الكبيرة دون فتح نوافذ بيع بأنه إهدار للجهد والمال.

فجوة بين التسعير والتكلفة

بدورها، لفتت شيرين كريدية إلى أن تحديات الناشرين في مسألة سلاسل التوريد تختلف من بلد لآخر، وهي تخضع للظروف التي يواجهها الناشرون في بلدانهم، حيث أكدت أن السوق اللبنانية التي تعمل فيها متطورة، ولكنها أسوة بغيرها من البلدان تواجه العديد من التحديات، خاصة في مجال كتاب الطفل، الذي يتطلب تكاليف أعلى من الكتب العادية، بسبب الرسومات الملونة التي يتطلبها، وهذا يخلق فجوة بين تكاليف الإنتاج وتسعير البيع، ويجعل من الضروري فتح نوافذ تسويقية للناشر عبر تقنيات الفضاء الرقمي.

الاستفادة من خدمات الفضاء الرقمي

وحول تجاربه في توفير خدمات الطباعة، نصح فرانسيسكو كروتي الناشر الذي يرغب في تحقيق النجاح أن يؤسس منبراً رقيماً يمكّنه من الحصول على خدمات الطباعة والخدمات اللوجستية باستثمار التقنيات المتطورة، وهو ما يدفعهم في شركتهم إلى تقديم خدمات الناشرين عبر أدوات الفضاء السحابي، حيث يتواصلون مع الناشرين ويزودونهم بخدمات طباعة قليلة التكلفة، وفي وقت قياسي مقارنة بالخدمات التي يحتاجها الناشر بالشكل التقليدي، كما أن العالم الرقمي يعطي الناشرين فرصة لتسويق كتبهم عالمياً عبر شركات متخصصة تقدم خدماتها عبر الإنترنت.

ترجمة الأدب المحلي

وشارك في الجلسة قبل الأخيرة التي جاءت بعنوان “التشجيع على ترجمة الأدب المحلي” كل من زانيتي باسكواليني، مديرة ووكيلة المشاريع الأدبية في منصة الأدب اللاتفي، وسارة سيمنز، مديرة مشروع كتب جديدة باللغة الألمانية، وغفانتسا جوبافا، المحررة ورئيسة المشاريع الدولية في إنتليكتي للنشر، في جورجيا، وأدارت الجلسة كاتريونا فيرغسون، من جمعية الناشرين النيوزيلندية.

وتحدثت غفانتسا جوبافا حول أهمية منحة الترجمة في جورجيا لنشر الأدب المحلي باللغات الأخرى، واعتماد مشاريع الترجمة على جهود الدولة وبرامج دعم الناشرين لمواجهة المخاطر، من خلال برامج دار الكتب ومشروع الترجمة الذي يتعامل مع 15 ناشراً أجنبياً يستكشفون سوق الأدب في جورجيا ويترجمون كل عام إصدارات جديدة إلى لغات مختلفة منها اللغة التركية.

البداية من الصفر

وأكدت زانيتي باسكواليني، أن مشاريع ترجمة الأدب اللاتفي بدأت من الصفر من خلال نشر عناوين قليلة بسبب ضعف التمويل، ولكن لاتفيا تمكنت تدريجياً من بناء برنامج جاذب يشجع الناشرين الأجانب على الترجمة، من خلال تنظيم رحلات وتقديم منح مالية للناشرين الأجانب الذين يترجمون أدب لاتفيا، وتقديم تسهيلات لاستقطابهم تشمل مساعدتهم على انتقاء الكتب الجديرة بالترجمة والتي حققت رواجاً وشعبية لدى قراء الأدب المحلي.

قاعدة بيانات وتسهيلات

وبدورها أشارت الناشرة الالمانية سارة سيمنز إلى المشاريع التي نفذت للترويج للأدب المكتوب بالألمانية لترجمته إلى الإنجليزية، والتي أسهمت في زيادة الترجمات واستقطاب مترجمين جدد وإطلاعهم على الروايات الأكثر شعبية في الثقافة الألمانية، ومن أبرز المشاريع في هذا الاتجاه قاعدة بيانات يتم تجديدها بانتظام على موقع إلكتروني بات يمثل منصة  شهيرة على الإنترنت تقدم ملخصات حول الكتب الألمانية لتحفز الناشرين الأجانب على استطلاع إمكانية ترجمتها إلى لغاتهم، وتوفير بيانات حول الكتب التي تمت ترجمتها بالفعل أو التي بيعت حقوق ترجمتها، لتوفير الكثير من الوقت على الناشرين الأجانب المهتمين بالترجمة من الألمانية.

توازن بين السوق المحلية والدولية

وشارك في الجلسة الأخيرة التي حملت عنوان “العالمي مقابل المحلي: كيف تسعى شركات النشر متعددة الجنسيات لضمان وضع استراتيجيات عالمية بتركيز إقليمي”، كل من سايروس كيرادي، من راندوم هاوس، في الولايات المتحدة الأمريكية، وكيفين هانسن، من دار سايمون وشوستر، في كندا، والناشر والوكيل أنانث بادمنابهان، من الهند، وأدار الجلسة الخبير والمستشار في صناعة النشر سيث روسو.

استراتيجية لا تهمل السوق المحلية

وأكد سايروس كيرادي، في مشاركته أن لراندوم هاوس تاريخ طويل من العمل وفق استراتيجية لا تهمل السوق المحلية، نظراً لما تحققه من نسبة مبيعات مرتفعة، وخاصة في أمريكا وبريطانيا، وذلك ما يدفع إلى مواصلة التركيز على نهج شراء حقوق النشر، ومراعاة متطلبات الجمهور وخصوصيات مختلف الأسواق المحلية التي تتواجد فيها فروع  لراندوم هاوس مثل الهند، وغيرها من الدول التي تحقق فيها الشركة توسعاً لشبكتها انطلاقاً من التركيز على ما يتوقعه الجمهور المحلي في كل منطقة.

اهتمام بعوائد استثمار الناشرين في الأسواق المحلية

فيما أشار كيفين هانسن، إلى أن استراتيجية تسويق الكتاب في كندا تحرص على استيعاب التوسع في السوق المحلية بالتعاون مع شركات النشر الدولية التي لها اهتمام بعائدات الاستثمار في الأسواق الإقليمية، بالتوازي مع دعم فرص زيادة نمو المبيعات من صادرات الكتب إلى الأسواق الأخرى خارج كندا، وهو التقليد النموذجي الذي أصبح متبعاً في صناعة النشر الكندية، التي تعمل بانتظام على مسح السوق المحلية واستيعاب متطلباتها والتعامل باحتراف مع المؤلفين والناشرين الآخرين في العالم لتسويق الإنتاج المعرفي خارج كندا.

سوق محلية بنكهة دولية وعدة أسواق في بلد واحد

وبدوره أوضح الناشر أنانث بادمنابهان، أن الهند مجتمع ناطق بالإنجليزية وخاصة طلاب الجامعات والباحثين الذين يكتبون ويقرأون بالإنجليزية، ما يجعل من النشر بهذه اللغة يصل إلى أكثر من 85 مليون شخص في الهند، وخاصة الكتب التعليمية التي تصل إلى الطلاب في المدارس باللغة الإنجليزية، بحيث يمكن اعتبار الهند سوقاً محلية بنكهة دولية كبيرة للمحتوى المكتوب بالإنجليزية، وبسبب تعدد اللغة ينظر إليها كذلك وكأنها عدة أسواق في بلد واحد، مما يضاعف من فرص الربح أمام الناشرين والموزعين والوكلاء.